الشخص المثالي Perfectionist هو من يضع لنفسه معايير عالية في الأداء والسلوك، ويحرص على مراقبة ذاته وتقييمها بشكل مستمر، مما يجعله أحيانًا شديد النقد لذاته، وتنعكس صفات الشخص المثالي بين الإيجابية والسلبية وفقًا لطبيعة كل فرد، وعلى الرغم من أن مصطلح الشخصية المثالية قد يبدو في ظاهره أمرًا جذابًا وملفتًا، إلا أن علم النفس لا ينظر إليه دائمًا بهذه الصورة الإيجابية، حيث يعد هذا النمط من الشخصيات أحد الاضطرابات النفسية التي قد تستدعي التدخل العلاجي.
صفات الشخص المثالي
صفات الشخص المثالي الصحي تختلف عن صفاته غير الصحية، ويمكن إدراك
هذا التباين من خلال التعرف على ملامح كل جانب،
ومن أبرز صفات الشخص المثالي الصحية ما يلي:
● الثقة واحترام الذات: الشخص المثالي يضع لنفسه أهدافًا
عالية لكنها قابلة للتحقيق، حيث يسعى بجد لتحقيقها مما يمنحه شعورًا بالرضا
والاعتزاز بقدراته.
● الإنتاجية والقدرة على الإنجاز: يتميز بقدرته على
تنظيم وقته وجهده بما يتناسب مع المهام المطلوبة، ويختار الأعمال التي تنسجم مع
اهتماماته ليؤديها بكفاءة.
● تحديد الأولويات: يعرف جيدًا ما هو مهم وقيم بالنسبة
له، حيث يمنح أولوياته وقتًا واهتمامًا كبيرًا.
● الاستمتاع بالنتائج: يفرح بالنجاح الذي يحققه بعد
الجهد أكثر من انشغاله بصعوبة الطريق الذي سلكه.
● المرونة والمثابرة: لا يستسلم أمام الفشل، بل يستمر في
المحاولة حتى يحقق هدفه وفق معاييره العالية.
● التعلم من التجارب: يحرص على التميز في كل ما يقدمه،
وعندما يقع في خطأ يتعامل معه كتجربة تعليمية يتجاوزها بدل أن تبقى عائقًا أمامه.
● القدرة على مواجهة الإخفاق: يعترف بمسؤوليته عن بعض
الأخطاء، لكنه في الوقت نفسه يدرك أن هناك ظروفًا خارجة عن إرادته، فلا يجلد ذاته،
بل ينظر إلى الصورة الكاملة ويتجاوز خيبات الأمل.
صفات الشخصية المثالية غير الصحية
صفات الشخص المثالي لا تكون دائمًا إيجابية، حيث هناك ما يعرف بـ
صفات الشخصية المثالية غير الصحية، وهي مجموعة من السلوكيات التي تجعل الشخص يرهق
نفسه ويعطل نجاحه بدلًا من أن يطوره من أبرز هذه الصفات مايلي:
● ضعف القدرة على الإنجاز: حيث يضع أهدافًا متكررة لكنه
يجد صعوبة في تحقيقها.
● حب المنافسة المفرطة: يسعى دائمًا ليتفوق على الآخرين
حتى يتجنب الإحساس بالفشل.
● عدم تقبل الإخفاق: يعتبر الأخطاء التي يرتكبها كوارث
يصعب عليه تجاوزها بسهولة.
● التمسك بطريقة واحدة في العمل: يرفض تجربة أساليب
جديدة معتقدًا أن طريقته هي الأصح للوصول للنتيجة.
● التركيز على النتيجة فقط: يهتم بالمحصلة النهائية أكثر
من اهتمامه بعملية التعلم أثناء التنفيذ.
● المعايير العالية جدًا: لا يرضى عن إنجازاته إلا إذا
بلغت مستوى مثالي يصعب الوصول إليه.
● المماطلة والتأجيل: يتأخر في بدء المهام خوفًا من عدم
إتمامها على أكمل وجه.
● رفض تفويض الآخرين: لا يثق أن أحدًا يمكن أن يؤدي
العمل مثله.
● الاعتماد على آراء الآخرين: يحتاج دومًا إلى المديح
ويقلقه غيابه
● الدقة المفرطة: قد يصل إلى مواعيده أبكر بكثير من
اللازم تجنبًا للتأخير.
● الالتزام المبالغ بالروتين: يضع خططًا يومية صارمة
ويتوتر إذا لم تسر كما يريد.
● تصحيح أخطاء الغير: ينزعج من أخطاء الآخرين ويبادر إلى
تعديلها بنفسه.
● الاحتفاظ بأشياء غير ضرورية: يخزن ما لا يحتاجه ظنًا
أنه قد يستخدمه لاحقًا.
● صعوبة اتخاذ القرارات: يجد حتى أبسط القرارات أمرًا
معقدًا.
● تنفيذ المهام بأفضل صورة فقط: لا يقوم بأي عمل إلا إذا
اعتقد أنه سوف يتقنه، مما يحرمه من تعلم خبرات جديدة.
● التفتيش والتحقق الزائد: لا يشتري شيئًا قبل التأكد
بدقة من خلوه من العيوب.
● ربط تقديره لذاته بالإنجازات: يقيم نفسه من خلال نجاحه
المهني أو نجاح أبنائه فقط.
هذه السلوكيات توضح أن المثالية غير الصحية قد تتحول من صفة
إيجابية إلى عائق يقيد صاحبه، وهو ما يجب الانتباه له عند الحديث عن صفات الشخص
المثالي.
كيفية الحصول على شخصية مثالية
يمكن للشخص أن يبني شخصية مثالية صحية من خلال اتباع مجموعة من العادات
والسلوكيات الإيجابية، ومن أبرز صفات الشخص المثالي مايلي:
● أنه يضع لنفسه أهدافًا عالية المعايير ويسعى بجد
لتحقيقها، مع إدراكه لأهمية أخذ فترات راحة بين حين وآخر.
●
تقبل فكرة أن الكمال المطلق غير ممكن.
●
كما يتميز بقدرته على تقدير ما أنجزه من أمور
إيجابية حتى لو توجد بها بعض الأخطاء.
● يشعر بالفخر عند بذل جهد كبير أو تحقيق نتيجة جيدة.
● من الصفات المهمة أيضًا عدم الاعتماد فقط على الموهبة للوصول إلى النجاح، بل التركيز على التجربة المستمرة، والتعلم من الأخطاء، والبحث عن المعرفة والطريقة الصحيحة لإنجاز المهام، مما يجعل جهوده أكثر نجاحًا واستمرارية.
الشخصية المثالية في علم النفس
في علم النفس تعرف الشخصية المثالية أو ما يسمى بالـ Perfectionism بأنها سمة بارزة تتمثل في السعي المستمر نحو الكمال وتجنب الأخطاء مهما كانت بسيطة، وغالبًا ما ترتبط صفات الشخص المثالي بتقييم الذات بصرامة مفرطة، والشعور الدائم بالقلق من أحكام الآخرين ونظرتهم.
هذا التوجه نحو المثالية قد يدفع الفرد لوضع أهداف تفوق الواقع أو يسعى لمثل يصعب تحقيقها، مما يفتح الباب أمام اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، وانخفاض الثقة بالنفس، وأحيانًا التفكير الانتحاري في الحالات الشديدة، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن هذه النزعة المثالية آخذة في الانتشار بشكل ملحوظ بين المراهقين والشباب، نتيجة الضغوط المتزايدة وتوقعات المجتمع.Perfectionism
طريقة التخلص من هوس الكمال
قد يكون السعي وراء تطوير الذات والتمسك بالمثالية جزءًا من شخصيتك، وهو
ما يعرف في علم النفس بصفات الشخص المثالي Perfectionist،
لكن لا داعي للقلق فبإمكانك التخلص من هذا الهوس غير الواقعي بالكمال والانتقال
إلى مرحلة أكثر صحة ونجاحًا، حيث تحقق أهدافك وتشعر بالرضا عن إنجازاتك حتى وإن لم
تكن مثالية، ولكي تتجاوز هذه الصفة من صفات الشخص المثالي غير الصحية، يمكنك اتباع
بعض الخطوات العملية:
● الاعتراف بالمشكلة :الاعتراف يمثل نصف الحل، وهذه
قاعدة لا تتغير، فإذا رغبت في التخلص من هوسك بالكمال، عليك أولًا أن تدرك بوعي أن
هذه المشكلة موجودة، ولكن لا تقل لنفسك عبارات مثل أنا مهووس بالكمال أو أنا شخصية
مثالية، بل انظر إلى الأمر كسلوك غير مرغوب ترغب في تعديله، فالتعامل معه كسلوك
أسهل بكثير من التعامل معه كجزء ثابت من شخصيتك.
● تحديد المواقف التي يبرز فيها السلوك المثالي: فكر في
الأوقات التي يظهر فيها هوسك بالكمال بشكل أوضح، هل يحدث ذلك عند القيام بالأعمال
المنزلية؟ أم عند تكليف الآخرين بمهام محددة؟ دون هذه المواقف على ورقة لتساعدك
لاحقًا في فهم نفسك والتعامل مع سلوكياتك بشكل أفضل.
● قد يكون من المفيد أن تتوقف قليلًا لتسأل نفسك: ما
الدافع الحقيقي وراء هذا السعي المستمر نحو الكمال؟ حيث فهمك لسبب هوسك بالمثالية
هو الخطوة الأولى للتعامل معه،ربما يكمن السبب في خوف داخلي من الفشل، أو في رغبة
جامحة بالظهور المميز أمام الآخرين، وربما أيضًا في شعورك بعدم الثقة بالنفس أو
غياب الاستقرار.
● إن التعرف على القناعات التي تغذي هذا التفكير
المثالي، يمكنك من التمييز بين ما يستحق أن تبقيه وما ينبغي أن تتخلى عنه لتتحرر
من الضغط النفسي، وهنا يظهر أحد أبرز صفات الشخص المثالي غير الصحي، وهو تضخيم
الأمور وتوقع الأسوأ دومًا.
●
حاول أن تواجه هذا الخوف بطريقة عملية: تخيل
أسوأ ما قد يحدث بالفعل ثم قارن بين احتمالية وقوعه وما يمكنك فعله لو حصل، وسوف
تكتشف في الغالب أن الاحتمالات الكارثية ضعيفة جدًا، وأن لديك القدرة على إنقاذ
الموقف إن وقع.
● وإذا اعتدت على تضخيم الأحداث، جرب كتابة كل الاحتمالات السيئة بجانب السيناريو الواقعي الأكثر احتمالًا، ثم اعرضها على شخص آخر أكثر توازنًا وأقل هوسًا بالمثالية، هذه الخطوة سوف تساعدك على إخراج الأفكار السلبية من رأسك، مما يخفف من أثرها ويمنحك مساحة للتفكير بشكل أكثر هدوءًا ومرونة.


